ولد الإمام عليّ بن الحسين (عليهما السلام) في سنة ثمان وثلاثين للهجرة، وقيل قبل ذلك بسنة أو سنتين.
وعاش
سبعة وخمسين سنة تقريباً، قضى ما يقارب سنتين أو أربع منها في كنف جدّه
الإمام علىّ(عليه السلام)، ثمّ ترعرع في مدرسة عمّه الحسن وأبيه
الحسين(عليهما السلام) سبطي الرسول الأعظم(صلى الله عليه وآله)، وارتوى من
نمير العلوم النبوية، واستقى من ينبوع أهل البيت الطاهرين.
برز
على الصعيد العلمي إماماً في الدين ومناراً في العلم، ومرجعاً لأحكام
الشريعة وعلومها، ومثلاً أعلى في الورع والعبادة والتقوى، واعترف المسلمون
جميعاً بعلمه واستقامته وأفضليّته، وانقاد الواعون منهم إلى زعامته وفقهه
ومرجعيّته.
قدّر للإمام زين العابدين أن يتسلّم مسؤولياته القيادية والروحية بعد
استشهاد أبيه (عليه السلام) فمارسها خلال النصف الثاني من القرن الأول، في
مرحلة من أدقّ المراحل التي مرّت بها الاُمة وقتئذ، وهي المرحلة التي
أعقبت موجة الفتوح الاُولى، فقد امتدّت هذه الموجة بزخمها الروحي وحماسها
العسكري والعقائدي، فزلزلت عروش الأكاسرة والقياصرة، وضمّت شعوباً مختلفة
وبلاداً واسعة إلى الدعوة الجديدة، وأصبح المسلمون قادة الجزء الأعظم من
العالم المتمدّن وقتئذ خلال نصف قرن.
شهادته ( عليه السلام ) :
أرسل الوليد سمّاً قاتلاً من الشام إلى عامله على المدينة ، وأمَرَه أن يدسَّه للإمام ( عليه السلام ) ، ونفَّذ عامله ذلك .
فسَمَتْ روح الإمام ( عليه السلام ) العظيمة إلى خالقها ، بعد أن أضاءت آفاق هذه الدنيا بعلومها ، وعباداتها ، وجهادها ، وتجرُّدِها من الهوى .
وكان ذلك في الخامس والعشرين من محرم 95 هـ ، وعلى رواية أخرى أنّه شهادته ( عليه السلام ) كانت في الثاني عشر من محرم 95 هـ .
دفن الإمام ( عليه السلام ) :
تولَّى الإمام محمد الباقر ( عليه السلام ) بتجهيز جثمان أبيه ( عليه السلام ) ، وبعد تشييع حافل لم تشهد المدينة نظيراً له ، جِيء بجثمانه الطاهر إلى مقبرة البقيع في المدينة المنورة .
فحفروا قبراً بجوار قبر عَمِّه الزكي الإمام الحسن المجتبى ( عليه السلام ) ، سيد شباب أهل الجنة .
وأنزل الإمام الباقر ( عليه السلام ) جثمان أبيه زين العابدين وسيد الساجدين ( عليه السلام ) ، فواراه في مَقَرِّه الأخير .